/ الْفَائِدَةُ : (9) /

21/03/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أَحَد معاني التَّقيَّة / إِنَّ للتقيَّة بالمعنىٰ المعهود معانٍ عديدة ، منها : 1 ـ المداراة ، واللين ، والأَمن ، والاخفاء ، ومراعاة الحسّ الأَمني ، ومراعاة المنظومة العقليَّة الأَمنيَّة ، وعدم الصخب ، والعمل والتَّغيير ببطئ وحكمة وتودُّد . وهذا المعنىٰ يُعطي مساحة وقوَّة وقدرة للتَّغيير أَكبر ، بخلاف الاستعجال . وإِلى هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الجواد (صلوات اللّٰـه عليه) الوارد في ترقُّب ظهور الحُجَّة ابن الحسين عجل الله تعالى فرجه ، وظهور دولته المباركة : «... له غيبة تكثر أَيّامها ، ويطول أَمدها ؛ فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ، ويستهزئ بذكره الجاحدون ، ويكثر فيها الوقَّاتون ، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها الُمسلِّمون» (1) . ودلالته قد اِتَّضحت؛ فإِنَّ الاستعجال خلاف التَّقيَّة المأمور بها شرعاً ، وهو يكشف عن أَنَّ صبر الُمستعجل ضعيف ، وتحمُّله قلیل ، فيكون تخطيطه وبناءه ـ لا سيما في التَّغيير الْاِجْتِمَاعِيّ ـ ليس بالذَّكيِّ القويِّ الرَّصين الحكيم ، بخلاف التَّقيَّة بهذا المعنىٰ . 2 ـ إِعداد واِستعداد ووقاية . وهذا بلا ريب ليس حُكْماً ثانويّاً، بل حُكْمٌ أَوَّلِيٌّ ، ليس له بداية ولا نهاية ، ويستمر ، ومطلوب وفي زيادة ودوام السَّعي والتبديل ولو بآليات هَادِئَة ، أَو قُل بآليَّات خفيَّة . إِذَنْ : هذا المعنىٰ من التَّقِيَّة لا يقتضي السُّكون والضَّعف والاِسْتِكَانة وعدم الحركة ، وإِنَّما يقتضي : عدم الوهن وعدم الضَّعف وعدم الاِسْتِكَانة ، ويَصُبُّ في بيان قوله تعالىٰ : [إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ] (1). ويَصُبُّ أَيضاً في ولاية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ومن شُعَبها ، فمع أَنَّ بُعْدَهُ شرعيٌّ ومن فروع الدِّين ، لكنَّه اِنعكاس لولايتهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) وصيغة لها ؛ ومن ثَمَّ ليس له بداية ولا نهاية ، ولا زمان ولا مكان ، ولا حدّ ولا درجة ، كحال ولايتهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) . ويَصُبُّ أَيضاً في المشروع الْإلَهِيّ المُقرَّر لمشروع الإِمام المهدي عجل الله تعالى فرجه ، ولمشروع أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؛ فإِنَّه مشروعٌ ضخمٌ ومهول جِدّاً لانهاية ولا حَدَّ له ، ومن ثَمَّ جُعِلَ الإِعداد له لانهاية ولا حدَّ ولا غاية ولا منتهىٰ له . وصلى الله على محمد واله الاطهار. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 51 : 30/ح4. (1) الرعد: 11